Social Icons

مباريات ما بعد الباكلوريا

الأربعاء، 10 يونيو 2015

الشخص بوصفه قيمة

إذا كان للشخص هوية ووحدة تحافظ عليها، فمن أين يستمد قيمته الأخلاقية، من ذاته أم من علاقته بالآخرين؟
هل تكمن قيمة الشخص في كونه غاية أم وسيلة؟

أطروحة مونيي

يرى مونييه من منظور شخصاني(الشخصانية)، أن الشخص بناء، إبداع مستمر، لا نهائي، لإمكاناته الخاصة، وبذلك يتجاوز شروط وجوده. إنه نشاط معيش أساسه الإبداع الذاتي. إنه نتاج حركة شخصنة.
وبالتالي فإن ما يمنح  للشخص قيمة، هو شخصيته التي يحددها ككيان يتميز بالإرادة والحرية والوعي، فهي ليست معطى جاهزا منغلقا في فردانيته وإنما هي كيان يتشكل باستمرار.
يميز مونيي بين الشخص ككيان يتميز بخصوصية الفردية وسماته العقلية والوجدانية والجمسية (والذي لا يمكن إرجاعه إلى ما يماثله أو يشبهه) وبين الموضوعات والأشياء الخارجية، فهذه الأخيرة قابلة للتحديد والتعريف، أما الشخص فليس موضوعا ولا يمكن أبدا معاملته كموضوع، إن مراكمة مجموعة من المعارف حوله لا يمكن أن يعبر عن حقيقته ولا أن نتفهمه في كليته.

أطروحة كانط

إن الإنسان ليس مجرد كائن عاقل، بل هو شخص أخلاقي، إن النظر إلى الإنسان كجزء من  الطبيعة وكحيوان عاقل، يمكن أن تجعل منه كائنا غير متميز عن أشياء الطبيعة، وبالتالي يمكن اعتباره وسيلة (أداة) لتحقيق غايات الآخرين.
في حين أن فلسفة كانط الأخلاقية تدعونا إلى النظر إلى الإنسان كغاية في ذاته، فهو ليس شيئا (أداة أو موضوعا) ومن ثمة لا يمكن معاملته كوسيلة.
ميز كانط بين الأشياء (الطبيعة) مصدر الميول والحاجات، ليس لها إلا قيمة مشروطة، أي أن الذي يحدد قيمتها هو النتائج المتوخاة منها وليس القيمة في ذاتها (لأنها تعتبر مجرد وسائل)، وبين الأشخاص ككائنات عاقلة مريدة، حرة لا تستعمل كوسائل بل تتعين كغايات في ذاتها.

خلاصة تركيبية

إن مقاربة مسألة قيمة الشخص، تعني دراسة الإنسان في بعده الأخلاقي، أي البحث في ما يمنح الإنسان قيمة.
الفلسفة الشخصانية (مونييه-محمد عزيز الحبابي…) ترى أن قيمة الشخص تكمن في شخصيته-الشخص نشاط وسلوك معيش، إبداع ذاتي وتراكم مستمر لشخصيته، فالشخص حسب مونييه حرية مشروطة بالوضع الواقعي للإنسان، إلا أن هذا الوضع المشروط لا يعني الخضوع للضرورة، لأن الشخص يعمل بشكل دؤوب على تجاوز شروط وجوده، أما الحبابي فيرى أن الإنسان ينتقل من وضعية الكائن إلى الشخص عندما تعي ذاته أوضاعها الخاصة والعامة تبعا لفعلها الإرادي والقصدي عملية التشخصن، أي اكتساب الشخص لخصوصياته  يتم من خلال الشخص كحرية وإرادة وقصد…
أما قيمة الشخص في الفلسفة الأخلاقية لكانط، فإنها تكمن في النظر إليه كشخص يعي ما توجبه عليه طبيعته الإنسانية (عقله- كرامته -حريته- إرادته…) أي ما يجعل الإنسان يسمو عن باقي الكائنات، أي أن الاستجابة للنداء الإنساني، للطبيعة البشرية واجب أخلاقي عملي، تجعل كل شخص محط احترام وتقدير.
لكن إذا كانت الفلسفة الشخصانية تنتهي إلى النزعة الفردية باعتبار أن مصدر قيمة الشخص هو وعي، حرية وإرادة، هذا الأخير يتميز بالمثابرة على اكتساب هذه القيمة، فإن استقلالية الشخص في فلسفة كانط مرتبطة بالغير بناء على قاعدة المساواة أمام الواجب الأخلاقي، بمعنى أن الشخص يستمد قيمتهç الأخلاقية من ذاته ومن علاقته بالآخرين، يقول كانط « تصرف على نحو تعامل معه الإنسانية في شخصك كما في شخص غيرك دائما وأبدا كغاية وليس كمجرد وسيلة بتاتا ».
إن القول بأن قيمة الشخص تكمن في الالتزام بالفعل أو الواجب الأخلاقي، الذي تفرضه علينا الهوية الإنسانية وهي هوية موحدة ومشتركة بين جميع الناس (كائنات عاقلة حرة- مريدة- تتحمل مسؤولية اختياراتها.
إن المفاهيم الكلية  المطلقة (الماهية والجوهر والواجب…) من أوهام العقل الكلاسيكي، ومغالطات الفلسفة التقليدية في نظر نيتشه: ذلك أن الغاية من أخلاق وقيم المجتمع تكمن في تصميم نموذج إنساني نمطي في الانضباط والخضوع لأخلاقيات المجتمع، إذ ليست هناك قيم مطلقة تفرض نفسها على الإنسان في نظر نيتشه، فالإنسان هو دائما سيد نفسه، حر، وهو الذي يضفي قيمكة على الموجودات، ويعطيها معنى، فالشخص حر، حريته غير مشروطة، فهو يمارس وجوده الخاص والأصيل…
فهل الالتزام بعادات وقيم المجتمع تؤدي إلى فقدان الإنسان واستقلاليته والقدرة على اختيار وإبداع شخصيته؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق